كلمة سمو الاميرة ريم علي

الصمود والثقافة تتخطى الحدود
لا يسعني أن أدوّن هذه الكلمات دون أن أتوقف عند حقيقة أن الدورة السابعة والثلاثين من مهرجان الاتحاد الأوروبي للأفلام في عمّان تُقام في منطقة أثقلت كاهلها الصراعات والمعاناة خلال السنوات الأخيرة، وإن كانت لا ترقى إلى مستوى الإبادة والتجويع اللذين نشهدهما اليوم في غزة، وأحياناً بصورة مباشرة وعلى الهواء.
ورغم هذا الواقع القاسي، يظل من الضروري أن نواصل سرد القصص، وأن نتذكّر أنّ الثقافة، ولا سيما ثقافة السينما، تمتلك قوة هائلة في تذكيرنا بالقيم الإنسانية الجوهرية، مثل المساواة والتضامن. كما تدفعنا إلى التأمل والالتفاف حول ما نعتزّ به كبشر، وما نتشاركه على اختلاف أوطاننا ومعتقداتنا وألوان بشرتنا. فالسينما قادرة على أداء دور محوري في مسيرة الشفاء والصمود، إذ تتيح لنا استكشاف زوايا نظر متباينة، وفتح حوار بنّاء يتجاوز الحدود والانقسامات.
ومن خلال الأفلام المختارة في هذا المهرجان، ستطلّ عليكم باقة واسعة من الحكايات والقصص؛ من الدراما العاطفية والأسرار، إلى قصص الحب الأسري، مروراً بالتحولات المؤلمة وتجارب الصمود الذي لا ينكسر. وفي الوقت ذاته، ستشهدون إبداع السينما الأوروبية وتنوّعها وغناها.
وبين هذه الأعمال قصصٌ حملت رموزاً وأسطوريات موجّهة إلى جمهور عالمي، كما في فيلم التحريك الأوكراني مافكا: أغنية الغابة، فيما تثير التراجيديات الكوميدية المؤثرة، مثل الفيلم التشيكي ريفييون, أسئلةً عميقة حول الهوية الوطنية، كاشفةً عن تحديات ما زال شعوب أوروبا الشرقية يواجهونها منذ انهيار الستار الحديدي.
كما يتضمّن البرنامج أفلاماً مشتركة الإنتاج تروي حكايات عائلات في دول أنهكتها الحروب، أو شخصيات تعبر الحدود. ومن بينها فيلم يلا باركور، وهو إنتاج سويدي-أردني-فلسطيني مشترك، تجري أحداثه في غزة قبل سنوات قليلة، حيث كانت حياة الفلسطينيين محاصرة داخل القطاع، غير أنّه ينبض بمشاعر صادقة تعبّر عمّا يعنيه أن يكون المرء فلسطينياً من غزة.
ويبرز أيضاً فيلم في ظل بيروت الوثائقي، وهو عمل مشترك لفريق لبناني–إيرلندي، يجمع بين صانعي أفلام ومنتجين من دول مختلفة، كاشفاً مأساة اللجوء الفلسطيني في لبنان. أما الفيلم الحائز على الجوائز متمرد، فيمثّل نموذجاً ناجحاً للإنتاجات المشتركة؛ إذ صُوِّر في الأردن، وكتبه وأخرجه مخرجان بلجيكيان من أصول مغربية، ويروي حكاية تتنقّل بين سوريا وبلجيكا.
وكما تُظهر هذه الأفلام، فإنّ الحكايات لا تولد ولا تزدهر إلا عبر الحدود، في فضاء أورو–متوسطي زاخر بالتجارب المشتركة؛ إذ إنّ ما يجمعنا أعمق وأكبر بكثير ممّا يفرّق بيننا.
وعلى خلاف البشر، فإنّ هذه القصص لا تحتاج إلى تأشيرة لعبور الحدود والسفر ؛ بل تصل مباشرة إلى العقول والقلوب حيثما وُجدت. فهي الحكايات التي تعيننا، أكثر من غيرها، على فهم الآخر، ورؤية العالم من خلال عينيه، والإحساس بما يشعر به، وهي التي تمتلك أعظم قدرة على توحيدنا.
ولهذا، فإنني أدعوكم هذا العام إلى التأمل في هذه الأفلام التي تجاوزت الحدود، سواء عبر الإنتاجات المشتركة أو من خلال توحيد فرق العمل وتنوّع مصادر التمويل. وتذكّروا دائماً كم هو ضروري أن نتكاتف لنُبدع عملاً عظيماً في خضم هذا الاضطراب.
وإنّنا إذ نحتفي بهذه الأفلام، فإننا في الحقيقة نحتفي في جوهر الأمر بقوّة الروح الإنسانية، وبقيمنا المشتركة من تعاطفٍ وفهمٍ وشعورٍ بالمجتمع الحي. تلك القيم التي تذكّرنا بحقيقة أساسية حُرِم منها الفلسطينيون ظلماً، وهي أنّنا جميعاً بشرٌ متساوون.



كلمة سفير بعثة الاتحاد الأوروبي في الأردن

يسرّني أن أرحّب بكم في الدورة السابعة والثلاثين لمهرجان الفيلم الأوروبي في الأردن، المقام هذا العام برعاية صاحبة السمو الملكي الأميرة ريم علي. لقد شكّل هذا المهرجان، على مدى ما يقارب أربعة عقود، جسرًا للتواصل بين الثقافات، وفضاءً للاحتفاء بالإبداع الفني، ودليلًا حيًّا على قوة السينما في جمع الناس وإيصال رسائل إنسانية عابرة للحدود.
نلتقي هذا العام في ظل واقع جيوسياسي دقيق وظروف إقليمية بالغة الحساسية. فالمأساة الإنسانية في غزة، وما يصاحبها من كراهية وجرائم حرب، تمتحن التزامنا المشترك بالقانون الدولي وبالمساءلة. وتذكّرنا هذه الأحداث المؤلمة بأهمية الحوار والتفاهم والتمسّك بإنسانيتنا المشتركة. في مثل هذه الأوقات العصيبة، تظل الثقافة والسينما على وجه الخصوص ملاذًا للتأمل والتعاطف وبصيصًا للأمل.
تتضمن دورة هذا العام مجموعة متميزة من الأفلام القادمة من دول الاتحاد الأوروبي، إلى جانب المملكة المتحدة وسويسرا وأوكرانيا، فضلًا عن الأردن البلد المضيف. أفلام متنوعة ما بين الدراما المؤثرة والقصص الواقعية الملهمة، تدعونا جميعًا إلى استكشاف قضايا إنسانية كبرى، مثل الصمود، والهوية، والسعي الدائم نحو الحرية.
إن هذه الأعمال تعكس تنوّع وثراء وإبداع السينما الأوروبية، كما تنفتح على حوار ثقافي متجدد مع الأردن والمنطقة بأسرها. وأغتنم هذه المناسبة لأتوجه بجزيل الشكر إلى شركائنا، الهيئة الملكية الأردنية للأفلام وشبكة المعاهد الثقافية الأوروبية (EUNIC)، على تعاونهم الذي جعل هذا المهرجان ممكنًا، وإلى المخرجين والضيوف الذين يثْرون هذه التجربة برؤاهم وإبداعاتهم.
أدعوكم جميعًا للانغماس في هذه الحكايات، والتعرّف إلى زوايا جديدة من التجربة الإنسانية، والاحتفاء بما يجمع بين أوروبا والأردن من روابط راسخة عبر لغة الفن السابع.
أتمنى لكم مهرجانًا ممتعًا وتجربة سينمائية ثرية.
بير-كريستوف شاتزيسافاس
سفير الاتحاد الأوروبي لدى الأردن




كلمة
EUNIC

يسعدنا أن نرحّب بكم في النسخة ٧٤ من مهرجان الفيلم الأوروبي – عمّان 2025، أقدم مهرجان دولي في الأردن، وفضاءً راسخاً للاحتفاء بالإبداع والحوار والتبادل الثقافي. يقدّم برنامج هذا العام باقة متميزة من الأفلام الأوروبية، تعكس تنوعاً غنياً في الرؤى والسرديات والتجارب الفنية، فيما تتيح العروض والجلسات النقاشية والورشات المتخصصة فرصاً ملهمة للحوار وبناء الجسور بين الثقافات.
وفي الوقت الذي نحتفي فيه بالسينما كمساحة للإنسانية والتلاقي، لا يمكن أن نتجاهل ما تشهده منطقتنا من مآسٍ إنسانية غير مسبوقة. فالإبادة والجرائم المروّعة المرتكبة في غزة تذكّرنا يومياً بحجم الألم والمعاناة التي تخلفها الحروب. إننا إذ نلتقي في هذا المهرجان، فإننا نخصص مساحة للتضامن والتذكر، ونجدد إيماننا بأن الثقافة يجب أن تبقى صوتاً صريحاً للعدالة، ووسيلة للدفاع عن الكرامة الإنسانية في وجه الظلم.
يفتخر تجمع “شبكة المعاهد الوطنية الاوربية للثقافة” EUNIC, بجمعه ممثلي المعاهد الثقافية وسفارات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في الأردن، التي تسهم جميعها برؤى وإسهامات نوعية تثري هذا المهرجان. كما تعزز شراكتنا الوثيقة مع الاتحاد الأوروبي هذا الالتزام المشترك بالدبلوماسية الثقافية وبالحوار بين الشعوب.
ونثمّن عالياً تعاوننا المستمر مع الهيئة الملكية الأردنية للأفلام، التي يحتضن مسرحها الخارجي في قلب عمّان فعاليات المهرجان، مقدّماً فضاءً فريداً ومتميزاً أصبح بمثابة البيت الحقيقي لهذا الحدث.
إن الوصول إلى الجمهور في جميع محافظات المملكة يشكّل قيمة أساسية لمهرجاننا، حيث تبقى العروض خارج العاصمة عمان ركناً ثابتاً من رسالتنا لضمان إتاحة السينما لمختلف شرائح المجتمع.
إننا نؤمن بأن السينما ليست مرآة للمجتمعات فحسب، بل هي أيضاً جسر يصل بينها، ومن هذا المنطلق ندعوكم لمشاركتنا رحلة الاكتشاف والتساؤل والاحتفاء بقوة الفن السابع.
السيدة راغدة السنجلاوي
نائبة رئيس – شبكة المعاهد الوطنية الاوربية للثقافة الأردن